الأحد، 8 مايو 2016

إصلاح ذات النفس


جلست ذات مرة بقارعة طريق ما متأملاً حال المارة.. فوجدت أشكال، أنواع، أصناف.. مختلفة ومتشابهة.. كل منهم ماض إلى حاله وماله وعياله.. “كل في فلك يسبحون” بعضهم مسرعون، وآخرون بطيئون، ومثلهم يتباطئون ! وقليل منهم أظنهم تائهون، ونزر منهم بلا هدف يهيمون.. .

شاهدت في من دلف إلى ذلك المكان من يذهب ويعود بقاعدة: (الذهاب والعودة في نفس الاتجاه) من خلال غدوه ورواحه، أغلبهم أناس في مقتبل العمر، يخالفون بقواعد المرور..! ترتفع أصواتهم.. يلقون مخلفاتهم (وإن كان إلقاء المخلفات بلاء عام).. يجلسون على نوافذ السيارات من فرط حركتهم.. لا تدري أهي صداقتهم أم عداوتهم السبب في فعل ما يفعلون…!

لم يسأل أي منهم لمَ تتوقف هنا؟! “ربما الخوف من الغرباء السبب” في مجتمع يفترض أن يكون فيه تداعي الجسد الواحد.. أيننا من هذا..!؟
سوى الأمن، وحده يأتيك يقول: “لماذا تتوقف هنا؟” في هذه اللحظة يكن الرد بحسب الموقف، ويتمثل الشكر اللفظي بعيداً عن الارتواء المعنوي.. يقابلها من السائل “تأمر بأي خدمة” جملة أداء الواجب الاجتماعي، وهو يضمر في نفسه “أراحنا الله”.. مع السلامة.. .

يحين موعد الصلاة.. دورية الهيئة تجوب الشوارع.. تنادي عبر مكبّر الصوت: الصلاة.. الصلاة.. بخطة سير تقليدية مكررة، أجزأهم البارئ خير الجزاء على هذا النداء..
نحن مجتمع ليس طيبًا (كما يشاع)؛ بل فيه الطيب والخبيث، وفينا من هو طيب فيه فساد، ومن هو خبيث فيه صفات أخيار.. والعدل والكمال للواحد القهار.. .

نحن مجتمع (كثير منا) يحب الرئاسة، ويتولع بالقيادة، ويرجو الريادة.. وهذه برب العزة والجلال والإكرام “لو” سادت بالشورى والقسط والميزان، لكنا حضارة المجد والأمان..

نتحلّق حول رجل نصفهُ بالشيخ حسب نصف تكوين الشخص (وهو المظهر) ، ويتبقى النصف الآخر (الجوهر) الذي لا نعلمه… نستمع لذلك الشيخ الذي يذكرنا بالجنة والنار، فيسود الهدوء بيننا، وكل من في المحضر يسبح ويستغفر ويهلل ويحوقل.. تنتهي المحاضرة بتطويق الناس للشيخ ودعوته لواجب الغداء أو العشاء.. قد تصل لرمي الأشمغة والعقل !.. ومثل هذا ينبغي أن يسود.. ولكن! بلطفٍ أقل.. .

تربيتنا في إعداد الأجيال بعدة أوجه: “وجه تستخدمه في المنزل، ووجه آخرًا للعمل، وثالثًا للضيوف، ورابعًا للأقران، وو…. وعاشرًا للغرباء” ! وحين نكتشف زيف وجوه ذوات مجتمعنا نعيش خيبة النكسة.. .

انظروا لأفعالنا في محيطنا.. وأفعالنا في محيط الغير.. ستجدون الفرق !.

رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...