الأحد، 30 سبتمبر 2018

الشَّهِيدُ مُحَمَّدٌ




مَا بَيْنَ اِنْسِكَابِ الحَنِينِ .. 
وَاِرْتِجَاع الأَنِينِ.. 
دَارَتْ رَحَى الغَبْنِ..
وَوَدَّعَكَ رِفَاقُكَ الأَلف.. 
وَبَكَى آبَاؤُكَ الأَرْبَعِينَ.. 

سَاقَتُكَ الأَقْدَارُ لِغَرْسِكَ فِي حَدِيقَتِنَا.. 
وَحِينَ وَصَلْتَ لِلشَّوْطِ الثَّانِي مِنْ السِّبَاقِ، 
قُلتَ: هَذَا فِرَاقٌ بَيْنَي وَبَيْنَكُمْ ؛ 
وَلِأَنَّك كَقِطْعَةِ غَيْثٍ اِخْتَرْتَ النِّهَايَةَ فِي البَلَلِ.. 

أيَا مُحَمَّدٌ: لَك أُمٌّ وَلَكَ أَبٌ ..
وَتِبْنَاكَ أَشْبَاهُ الرُّسُلِ تَبْجِيلًا .. 
لَمْلَمُوا أَحْزَانَهُمْ مَعَ بَقَايَا شَذَاكَ فِي حَقِيبَتِكَ
وصدَى صَوْتَكَ لَا يَزَالُ يَتَرَدَّدُ فِي رَدْهَاتِ المَدْرَسَةِ، يَقُولُ: 
أَنَا يَا أُسْتَاذ .. أَنَا يَا أُسْتَاذ: 
الطَّالِبُ النَّجِيبُ، وَعَلَيَّ النَّحِيبُ.. 
فَيُجِيبُ الأُسْتَاذُ: أَنَا أَسْمَعُكَ.. أَسْمَعُكَ !
وَلَا أَرَاكَ إِلَّا طَيْفًا مِنْ مَلَاكٍ .. 
الله .. الله مَا أَوْجَعَكَ !

يَا مُحَمَّدُ: 
كُلٌّ سَابِحٍ فِي مَلَكُوتِ اللهِ رَاحِلٌ 
وَكُلُّ عُمْرٍ تَقَادَمَ يَجِيءُ إِلَيْهِ اليَقِينُ آجِلًا.. 
كَانَ غِرًا أَوْ شَيْخًا عَزِيزًا عَلَى بَسِيطَتِنَا.. 
وَإِنْ بَلَغَ سَمَاءَ زُحَلٍ  !

سَمَتْ براءتُكَ بِطُهْرِهَا 
حِينَ لَمْ تُزَيِّفْهَا أَطْمَاعُ الخُلُودِ.. 
وَنَجَّتْ بِنَفْسِهَا نَحْوَ رَوَحٌ وَرَيْحَانٌ.. 
وَشَفَاعَةٌ لمصابةٍ وَمُصَابٍ، لَنْ يَكُفَّا الأَدْمُعَا ..

فِي نِصْفِ شهْرِنا المُحَرَّم ..
خَرَجْتَ مِنْ دُنَّيَانَا مُحْرِمًا .. 
اِصْطَفَاكَ رَبُّ القَدْرِ بَدْرًا كَامِلًا.. 
وَمَنْ مِثْلكَ لَا يُرْضِيه إِلَّا التَّمَامِ.. 

وَكَمْ تَوَسُّلنَا لِلهِ أَنْ تَبْقَى... 
لِأَجْلِكَ.. 
لِأَجْلِ أُمِّكَ ثُمَّ أُمِّكَ وأُمِّكَ..
وصَاحِبًا لِأَبِيكَ وَمُحْسِنًا .. 


وَعَزَاؤُنَا:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ بِكَ مِنْ اللهِ ارْحَمْ... .






  • محمد، طفل الثماني سنوات، تلك الوردة ذات العمر القصير جداً، الذي فُقِدَ غرقاً في مسبح مدرسته في يوم الأَرْبِعَاءَ الموافق لـ 26 / 9 / 2018 م - 16 / 1 / 1440 هـ .

رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...