الثلاثاء، 16 يونيو 2020

القصر الملكي



في البدء كلمة: 
    أحيانًا سعادتنا تُبنى على تضحيات من حولنا، السعادة ليست نشوة فرح تعيشها في لحظتها فقط، وليست دِينًا تعتنقه وتعلن الخلاص من سواه، ولا شيئًا تبتاعه أو تستعيره أو تأخذه منحة، من صور روعتها، تكون على شكل قطعة حلوى تُمْسك بها أنامل طفل.. 
إذن هي ليست بالأخذ، ولا الأخذ وحده يبعث شعور الرضا، تلك أنانية قصوى، فالعطاء له لذّته في وسط جميعه يحتضن الجميع في المدلهمات، ويباركون بعضهم ساعة البهجة، وبينهما يسيرون كجيش يقاوم معارك الأيام المنهكة.. 
ذلك لا يعني أن تتملكنا المثالية، يكفي ألا نتندر على بعضنا من باب التقليل من الآخر مهما بلغ من شأن. 

من يملك أو مَلك أمًّا وأبًا ولطفاء معشر كانت له الحياة. 



أ

    الأمهات، مجاميع ضعف يمنحن قوة!‬
‫عندما يضحكن يعطين الفرح في دنيا شاحبة، حين يبكين ينكسر العالم، ‬وساعة يرضين تشق براعم الزهور طريقها وسط الصخور!
وحين تموت الأم تموت النساء دفعة واحدة!



ب

    الآباء، حدائق خضراء يحيط بها خندق نار!
عندما يشْقون يُمهّدون الأرض، وحينما يستيقظون يتبدّد الظلام، وفي سويعات نومهم لا كبد جائعة في الدار! 
وساعة يمرضون يهتز عرش الدنيا!
وحين تغمض أجفان الأب للأبد ينسحب البساط وينقشع الغيم بطلقة واحدة! 



ج

    الاخوة، أضلاع استقامة وتد ظهرك!
عندما يجتمعون يتعطّر الأفق برضا الوالدين، حين يسيرون على منهاج يكون الفلاح، هم حائط الصد الأوّل من الخيبات، لست وحيدًا بهم!
عند خلافهم، تسقط كل قوانين الشرف على الأرض!
عند فقدهم، تنسلخ الكبد! 



د

‫    أصدقاء المواقف مرآتك مع مرور الأيام، أقرباء المواقف لا يُدنّس حرمتهم ألف سبب وسبب، زملاء المواقف نقابة تبعث على طمأنينتك، جيران المواقف حينما يكون الجار قبل الدار واجبًا متحققًا.. هؤلاء عالمك !‬

‫إن صفا لك واحداً من كل طرف، تربعت على العرش ملكاً!


الأربعاء، 10 يونيو 2020

ثمة فراغ موحش


‫إلى المساحة الشاغرة التي لا يملأها كل تواصل..‬ 
إلى النقص الذي لا يتمّه سؤال المحبين، ولا حتى عداء المعادين..‬ 

إلى المكان الذي لم يُدركْ ولم يُتركْ!
إلى المنطقة الحرّة.. 
‫ إلى الفراغ من كل شيء ..‬
‫إلى الفراغ في كل شيء..‬ 

‫إلى كل شيء تغيّر طبعه وتغيرنا..‬
إلى الآخر الذي نظنّه السبب!
إلى الأنا التي تعتقد البراءة من الخطيئة!
إلى السواد.. إلى الدنس ..
إلى البياض.. إلى النقاء .. 
‫إلى الصور التي انتهت إليها طبائع الكون..‬
إلى الأيادي التي لم تعد تمتد.. 
إلى الأعياد التي حضرت بالاسم..

إلى اللاشيء.. من اللاشيء‬ .. 

‫كفى من التزييف فنًا، أن لا يمتلئ وعاءنا من الأحلام ..!



الجمعة، 5 يونيو 2020

خيفٌ من حجاز الله



كالعربي القديم قديمٌ 
أقفُ على مواطنِ الأطلالِ !
أقولُ للدماءِ التي في عروقِنا ؛ 
ليتَ للرملِ لسان 
وتردّ مداه بنات الجبالِ 
فيعود الطيرُ مشتاقًا بيننا للغناءِ .. 

هناكَ تحت ظلالِ النخيلِ والماءِ الذي يسيرُ 
لازالتْ في الأعناقِ بيعةً
والرُّوحُ في وادي الغضا جمرًا تتلهبُ ..
حين كانَ السَّلمُ يُسلّمُ 
والمرخُ مرتعًا للإبلِ بهِ تتصبرُ ..

بانتْ مواجعُنا على الحمّيضِ نقطِفُها ، 
منْ حرِّها يستوي شواءَ الفقعِ ومثلهِ قلوبنا تتفجرُ..

هنالكَ العمرَ ربيعاً 
في نشوةِ الصغرِ ..
نتنقلُ 
كالكاعبِ الحسناءِ
بشقاءِ الطفولةِ التي مضتْ نتجمّلُ .. 
ومضى حنين الأطفال رحى تطحنُ ..

هو الدهر يُقلّب فواجعهَا ، تألّمنا ، 
كلما نضج حيُّ فينا.. عادَ للآخرِ حينا ..

خيفٌ منْ حِجازِ اللهِ أندَى مرابعنَا 
وهمج آبارها زمزمَ دمْدم عِيشَتَنَا 


صحراؤُنا
تَلقَّنَّا الصَبْرَ مَعَ تَلْقَّمِ تمرِهَا 
والصِبْرَ دواءَ الأيَّامِ لو كان علقمُها ..


رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...