الخميس، 24 يونيو 2021

فإنَّ الجابرَ اللهُ





في البدءِ كانت غياهب غيبوبة .. 

ثمَّ اشتهاء الأرض لاحتضانه في أحشائها ..!

قصة انتقال الرفيق إلى الرفيق الأعلى، 

بين دفتي المكرّمة والمنوّرة ..

نِعْمَ الحياة مكة!

ونِعْمَ العبور المدينة!

 

وإنْ كسرنا 

‏الرحيل .. 

‏فإنَّ الجابرَ اللهُ ..!

وإنْ بكتْ في لحظةٍ عين ..

بكى كلّ الوقتِ قلب .. 


تكبُر ندبات الروح حتى تُشْعل الندبة الأخيرة فتيل الفناء ..

لازالت المنايا تحصد بمنجلها فنون أغصاننا وجذورنا، حتى تستفيق آخر ورقة على اليباس!


من فَقْدنا

نُخيطُ جرحاً على جرحٍ لعل النفوس تطيب!


لله كل تأوهنا 

لله كل نزيف التعازي

لله كل تداعي الحزن 

لله كل صرخات الذكريات 


خدودنا 

وإن جرَّحها مرور عَذَابات العيون

فإن أكبادَنا تطحنها بواعث الكتمان .. 

ونظراتُنا 

إذا تقابلت 

باحت الأخرى إلى الأخرى مرارة البوحِ .. 

تقودنا 

لبعضنا اطمأناناتنا وأيّنا أكثرُ جلداً؛

فيفضحنا تحرّج الحروف وصورنا في المرايا!

أسئلةٌ تحوم .. 

أين القابع طيفهُ في وجومكم؟ أين مقامه؟


يا رب البرايا 

في البقيع لنا خيّرٌ بجوار الخيرين وسيّدهُم!

وجودك الذي لم ينقطع عليهم، جُدْ عليه بمثلهم. 



كم تجرعنا 

من الآلام ما يُكدَّر صفونا

ولازلنا نُسبّح بحمد الله إحساناً وتبتيلاً ..

آمنَّا بربِّ الحزن والفرح ..

وأَنّا في كل حالٍ مؤمنينا ..






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

في فقيدنا المكي، المقبور بالمدينة، جابر السلمي. 

الاثنين 11 / 11 / 1442هـ - 21 / 6 / 2021م.

الخميس، 10 يونيو 2021

الحجر بالعشر




كان الدافع لتدوين تجربتي مع الوباء ونشرها بعد التعافي -بحمد الله- رفع نسبة الايجابية في التعاطي مع الجائحة، ربما يطالعها من يستفيد منها كما انتفعت من منشورات آخرين، (لم تكن أبداً لاجترار التهنئة بالسلامة، وإن كانت تنم عن فضل وحمد لا استطيع مجاراته من أعزاء كرام). 


الحجر وليال عشر، أقسم بالله أنه لأمر ضجر وليس بالقبول السهل.. كسجنٍ في بطن حوت! ظلمات من كل جانب .. يُنيرها حسن التصرف بعد عناية الرحمن.

تنام وتصحو بلا يقظة، تكتب، تقرأ، تسير في نفس المكان، هي أيام عشرة، هي أيام عَسرة، هي أيام عُسرة، قلق.. لا أحد يُريدك، لا تُريد أحداً، الوباء الذي في أنفاسك قد يقتل إنساناً، يزداد الصرعى والحالات الحرجة حولك في العالم.. تستبقيك نفحات الإيمان الروحية ونسمات الوفاء والمحبة الصادقة. 

التواصل بالصوت والصورة من خلال برامج الهاتف المحمول يكسر بعض القيود في هذه الأيام المعدودة.. مَنْ كان له هواية يمكن ممارستها فلينصب إليها.. أو أوجد لك عملاً بسيطاً تتقنه وانصرف إليه.. متابعة التلفزيون واليوتيوب ومواقع التواصل وغيرها أيضاً تقضي على رتابة الوقت.. ممارسة الطقوس الدينية تأتي بأثر نفسي كبير.. أمامك مساحة للتحرك الذاتي؛ لتأخذ مسافة تبتعد فيها عن جلد الذات وسوء المصير. 

من كان في عزلة خارجة عن إرادته يحتاج للمداراة والملاطفة فأكرموه بالكثير منها. 


كوننا في هذا الدنيا أياً كانت نوعية العلاقة بيننا، خُلِقنا لنتكامل، ما يعلمه البعض لا يحيط به خبراً بعض آخر في محيطنا الإنساني الكلي.


كونك بشر من ضمن البشر، يصيبك ما يصبهم.. لستَ في مأمن من شيء، هناك غِطاء من لطف الخالق يجعلنا نرفل في نعم لا ندرك سموّها وعِظمَ مدبرها إلا في لحظات فقدان البوصلة الذاتية حين يتحوّل المُتاح إلى مستحيل.


الثلاثاء، 1 يونيو 2021

جرعة ثانية من الفيروس ذاته





حينما أخذت وزارة الصحة بالاعتبار البروتوكول العالمي بتأجيل الجرعة الثانية لمدة أطول.. كانت جرعتي كذلك فتأجلت بدورها، إلا أنّ كورونا كانت صادقة معي إلى أبعد مدى بطبيعة الحال، هي لا تريد أن تكون منافقة فحلّت ضيفةً على جسدي بموعد اللقاح المؤجل!
أصبت بحساسية في أنفي ذات مساء (كما هي العادة عندما اتعرض للروائح النفاذة)، ثم انتقلت لحلقي.. قلّت زكام! أهلاً أفتقدك منذ مُدّة، عام وأكثر أهلاً، ذهبت إلى مطعم يقدم اللحم ذو المرق الوافر، الوجبة المفضلة للمواجهة على أية حال! 
لم أجد.. توجهت لبائع العصائر وابتعت منه عصير برتقال طازج.. واتبعته آخراً من آخرٍ..
يوم.. يومين.. ثلاثة سخونة داخلية تجعلني لا أُفكر بالذهاب إلى أي وجهة.. حينها بدأ لي وكأن في الألم زيادة.. بين الساعتين الثالثة والرابعة عصراً توجهت لعيادة طبية خاصة، قالت لي الطبيبة السودانية بعد أن كشفت عليّ: لديك التهاب بالحلق وارتفاع بدرجة الحرارة، طلبت رأيها حول ما إذا كانت كوفيد أم لا، فاشارت إن لم تتحسن حالتك في الغد، اعمل المسحة!
أخذت الدواء من الصيدلية وتناولته، وذهبت فوراً لأقرب عيادة وكانت حكومية مكتظة عن أخرها للاطمئنان والتأكد.. نصحني رجل أمن المشفى في ظل هذا الزحام وأنت تقود سيارتك بنفسك خذ مُسكناً وعد لبيتك وقل الحمد لله.. 
ما بين الاقتناع بهذا الكلام والانتظار حتى الغد أو التوجه إلى مركز مختبرات شهير لإجراء الفحص وقضاء بعض الأغراض... كفل هذا التردد والانشغال إغلاق المركز قبل وصولي، فما كان مني إلا العودة لنفس المركز الحكومي في الساعة الثانية عشر وثمان دقائق صباحاً لأصطف مع الخلق ثلاث ساعات كاملات حتى أجريت المسحة وأقفلت إلى بيتي عائداً ألوي على استنزاف طاقتي... لاستيقظ بعد يوم ونصف من الانتظار تقريباً على وقع رسالة نصية تنبئني بأنّي خطر على من حولي؛ (.. وزارة الصحة تبلغك بأن نتيجة فحص كورونا كوفيد التي أجريت لك بتاريخ .... إيجابية (مصاب) وسيقوم الفريق الطبي بالتواصل معك). -للعلم فريق الصحة لم يتواصل معي كما وعدني برسالته. وصحتي لم تكن سيئة على كل حال-.

انتهى كفاحي وجهادي وسهادي للوقاية من المرض إلى التعايش معه وعلاجه والابتعاد عن الآخرين!


رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...