الأربعاء، 14 أغسطس 2019

الصفر قيمة وقيم



    قصص النجاح كثيرة ومثيرة، لا تتعلّق بعصرٍ بعينه ولا عمر معين أيضاً.. تخْلِقُ آمالاً وتحلّق بأحلامٍ، لم ينتهِ المحظوظون المثابرون من تحصيلها، يكثُر طلابها مع كل طلعة شغف.
تتحقق متى ما وجدت الشاب/الفتاة والتهيؤ واللحظة المناسبة لبزوغ فجرها وسطوع شمسها.
لا مثيل للشعاع الحالم إلا شخصية حالمة مثلها تماماً.
كل فينة وأخرى تُطالعنا قصص نجاح مبالغ فيها حتى يظنها الظان أنها من قبيل المعجزات على كوكب الأرض.
وكل قصة نجاح عظيم معناها قويم مبناها جديرة للإشارة بالبنان وتحيتها بما يليق من جلالة وإبهار.
بما أن الحياة تطغى باللون المادي وكل ألوان الإبداع تكون بجواره أكمل وتسر الناظرين أكثر.. ذلك يجعلنا مشدوهين بل ويشدنا لإمعان النظر في حال الامبراطوريات المالية العالمية، نجد أنها ابتدأت من الصفر في مشروعاتها..، لكن أحداً منّا لم يسأل.. كم كان قبل ذلك الصفر من أموال مرصودة؟ ومخاطر معلومة؟ ومن يقف خلفها؟
أُوْلُو التجارة نجد الكثير منهم يقولون: أنهم ابتدأوا من الصفر، لكنهم لم يحددوا نوعه ..!
هل هو الفاصل ما بين السالب والموجب، أم صفر الآلاف والمليون والمليار ؟
علينا ألا نخدع الأجيال ونتسبب في عملية جلدهم لأنفسم بأنهم يضيعوا الفرصة تلو الفرصة والناس حولهم تنتهي من نجاح إلى نجاح وهم رابضون ككلب أصحاب الكهف.. (ارحمونا وارحموهم وارحموا بقايا الصدق فينا).
الصفر واحد، لكن قيمته تختلف ..!
علموهم أن يصنعوا عملاً ذا قيمة، فهموهم أنّ كبار الرسامين والمفكرين مثلاً لم يذع صيتهم إلا بعد وفاتهم بعقود طويلة.
درسوهم أنَّ قصص النجاح الحقيقية؛ أنْ تعمل للإنسانية ما يجعل صدى اسمك يتردد ويتراوح بين الخلود والأبدية في لغات الأمم المتلاحقة. 

السبت، 3 أغسطس 2019

الحد الأقصى من كل شيء


     كان يُفكر في معضلة توفير امتلاك مسكن مناسب لعائلته، يبحث، يقلب الصفحات العقارية والقروض البنكية وأقساطها.. وبينما هو كذلك على جهازه الذكي اتته رسالة نصية أربكت ضجيج اللحظة بتذكيره بموعد لوالدته بالمستشفى صباح اليوم التالي انتظرته طويلاً.. 
أخذ يُفكر، كيف يمكن أن يصحو مبكراً كي يوصل ابنته لمدرستها والذهاب لعمله ومن ثم الاستئذان من مديره الذي دائماً ما يصيح بصوت جهوري على رؤوس الموظفين بأن من يريد الخروج من الدوام قبل الزمن المعتاد، عليه أن يشعرنا قبل ذلك كتابياً بمدّة كافية حسب لوائح النظام..
طرأ على خياله فكرة التغيب عن العمل وأخذ ورقة طبية تُثبت مرافقته لوالدته وأنّ غيابه كان اضطرارياً، جاءت الفكرة لديه ليأخذ مسافة كافية عن وجع الرأس.. ، الأمر لم ينته لهذا الحد، افتكر للتو بأنّ عليه في الواحدة ظهراً بعد أن يأخذ طفلته من مدرستها مراجعة إدارة الخطوط الجوية ليسترجع مبالغ مالية لتذكرتين على الدرجة الأولى كان قد ألغاهما بعد توفر مقعدين بجهدٍ جهيد على درجة الضيافة (السياحية)..
لم تنته السياحة عند هذا الحد فقط! ففي المساء سيرافق زوجته لزيارة أختها التي ترقد في المشفى الذي يبعد عن منزله قرابة النصف ساعة؛ لإنجابها طفلاً أسمته نجيب.. والذي من نجابة حظي أتى في هذا اليوم.. وبين هواجس الأفكار تلك راح يلقي نظرة اطمئنان على ملابس الغد.. .
عاد وأمسك هاتفه النقال ليضبط المنبه على التوقيت صباحاً وقبل أن يتمكن من ذلك داهمته رسالة من البنك تُطالبه بتحديث عنوانه الوطني (الإلكتروني) حتى تصل إليه بطاقة الفيزا التي طلبها.. ، كانت الساعة قد وصلت للثانية ليلاً، عليه أن ينام الآن ليستيقظ في الخامسة صباحاً.. كيف ينام وهو لم يقرر ما يصنع؟
حينها.. قرر الهاتف بدلاً عنه، انطفأ الهاتف بعد نفاذ بطاريته من الطاقة! 

الأربعاء، 26 يونيو 2019

الإنسان مجموعة أحلام



تستهلك طاقتك الأيام بين غدوك ورواحك لحاجياتك ورغباتك وواجبات أسرتيك الصغيرة والكبيرة وعملك وآمالك وعلاقاتك الاجتماعية، تمر العدّة من الشهور ولا تجد ذاتك، تذوب كمكعبات السكر وسط تحريك دائم من المتطلبات التي لا تنتهي.
كلٌ يريد نصيبه منك.. في نهاية المطاف تلوم نفسك، ونفسك بعد اجتهادها لا تُلام.
هم كذلك الرائعون العاملون المحسّنون البديعيون لجفاف الأيام، يشعرون بالتقصير نحو ما يمكن أن يفعلوه بمعيّة الآخرين في ما من شأنه تلطيف الجو العام.
في اللحظة الحاضرة تقف لتضيء القادم، وتحاول ردم خندق الماضي السيئ بمسحة جمالية، وفي ذات الوقت تحاول أن تحافظ على ابتسامتك.
هذه العمليات شديدة الوخز في عاطفة من يريد سلامة اليوم والغد والأمس
مع مرور الوقت يزيد الشرخ وتكبر الهوة وتتضخم بينك وبين نفسك وتقع الخصومة وتهبط معنوياتك مع من يشابهوك في ما تريدون من نشر أريج السلام وإلى ما وصلتم فيه من ضياع وتوهان وتقصف للأزهار
أخشى على الغضة قلوبهم المنطلقين نحو الحياة من تمزق أرواحهم في منتصف الطريق؛ أخاف عليهم من جمود وكآبة من يقصفون رويّهم، بعدها لا يعودون كالسابق ولا يستطيعون المواصلة، فيتخلفون عن كل ركب، فيصفهم كل هماز مشاء بنميم بقبحٍ غرسوه فيهم. 
جني الثمار لا يكون إنسانياً وإن حقق أرباحاً تفوق التوقعات إذا كان مبنياً على حصد أرواح الفلاحين.
إنّ ما يقض مضجع الإنسانية جمعاء بناء أحلام طبقة على أشلاء طبقة أخرى.. فالإنسانية مرتبة متساوية لا تقبل الدونية
لكل فعل نبيل يتوجب أن يقابله ردة فعل أنبل منه معاكسة في الاتجاه وتفوقه في الأثر.
فالنبلاء في كل عصر هم من يحفظون الود لكل المبادرات الإيجابية وردها باستراق أي لحظة مناسبة لتأصيل قاعدة أساسية عريضة تقوم على الوفاء في الكون.
كل ما استهلكتك الأيام، عد إلى صفوك إلى باكورة الإنسان التي تقبع بداخلك يا صديق الأحلام، إنها تحيا إذا ما أحييتها كل مالوثتك أدران الدهر، وإذا ما انقطعت عنك أسباب الإلهام
ابحث تجد، ستجد عقلاً يشبه خافقك، وقلباً يشبه عقلك، فمثلما توجد رحى تطحن، يوجد في المدى يد حانية تزرع وسنابل بالخير تثمر



رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...