السبت، 3 أغسطس 2019

الحد الأقصى من كل شيء


     كان يُفكر في معضلة توفير امتلاك مسكن مناسب لعائلته، يبحث، يقلب الصفحات العقارية والقروض البنكية وأقساطها.. وبينما هو كذلك على جهازه الذكي اتته رسالة نصية أربكت ضجيج اللحظة بتذكيره بموعد لوالدته بالمستشفى صباح اليوم التالي انتظرته طويلاً.. 
أخذ يُفكر، كيف يمكن أن يصحو مبكراً كي يوصل ابنته لمدرستها والذهاب لعمله ومن ثم الاستئذان من مديره الذي دائماً ما يصيح بصوت جهوري على رؤوس الموظفين بأن من يريد الخروج من الدوام قبل الزمن المعتاد، عليه أن يشعرنا قبل ذلك كتابياً بمدّة كافية حسب لوائح النظام..
طرأ على خياله فكرة التغيب عن العمل وأخذ ورقة طبية تُثبت مرافقته لوالدته وأنّ غيابه كان اضطرارياً، جاءت الفكرة لديه ليأخذ مسافة كافية عن وجع الرأس.. ، الأمر لم ينته لهذا الحد، افتكر للتو بأنّ عليه في الواحدة ظهراً بعد أن يأخذ طفلته من مدرستها مراجعة إدارة الخطوط الجوية ليسترجع مبالغ مالية لتذكرتين على الدرجة الأولى كان قد ألغاهما بعد توفر مقعدين بجهدٍ جهيد على درجة الضيافة (السياحية)..
لم تنته السياحة عند هذا الحد فقط! ففي المساء سيرافق زوجته لزيارة أختها التي ترقد في المشفى الذي يبعد عن منزله قرابة النصف ساعة؛ لإنجابها طفلاً أسمته نجيب.. والذي من نجابة حظي أتى في هذا اليوم.. وبين هواجس الأفكار تلك راح يلقي نظرة اطمئنان على ملابس الغد.. .
عاد وأمسك هاتفه النقال ليضبط المنبه على التوقيت صباحاً وقبل أن يتمكن من ذلك داهمته رسالة من البنك تُطالبه بتحديث عنوانه الوطني (الإلكتروني) حتى تصل إليه بطاقة الفيزا التي طلبها.. ، كانت الساعة قد وصلت للثانية ليلاً، عليه أن ينام الآن ليستيقظ في الخامسة صباحاً.. كيف ينام وهو لم يقرر ما يصنع؟
حينها.. قرر الهاتف بدلاً عنه، انطفأ الهاتف بعد نفاذ بطاريته من الطاقة! 

رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...