الخميس، 8 فبراير 2024

وشمٌ على جدار الزمن

 



    العلاقات الطيبة، هي نور الأمل الباقي على الصعيد الشخصي، تتقدم السنين، ومن يطوي على صفحاتها الأثر الجميل، يجد نقوشها رحابةً في صدره، وزكاةً في نفسه، وأشرعةً من فياض.. وحياض من طمأنينة وسلام.
إنّ اللياقة الإيجابية تحتاج إلى دربةٍ ومران لتجتاح كل اليباس لتمنح الإخضرار .. 
من اليسير جداً، العبوس والاكفهرار والإعراض.. لكن الإقبال والبِشْر والتبسم، منهل الرسل العذب، منهج محفوف بأرتال من الأعباء، على أي حال كنت، فأنت ترسل رسالة عبر أزمنتك التي تحياها وتحيا بعدك ..
كم الذين عبروا خفافاً على الأنفس، وجعلوا الأريج يُخالط عطر طيفهم وذكرهم وذكرياتهم، وكم الذين أورثوا الحنظل والمرَّ والعلقم؟! .. ثمة مفارقة!
لا أحداً يريد لشخصه المورد السيئ، فالسيئ بذاته، يرى في نكاله وسواد أفعاله، الخمار الذي يستر عورات الناس!
أو هو مُحطّمُ أصنامٍ طال بها المقام كثيراً، أو يريد صولات الأسود (ولكنه نسي أنّه خارج قانون الغابة).. على أيةِ حالٍ، تتعدد الغايات والخلفيات التي انطلق منها ذاك العابث في النسيج الاجتماعي؛ ونكاد نجد ما يُتّفق عليه؛ أفضى إلى جادة الصواب، وانتهى! 
إذا كان الانتهازيون -في غالب أمرهم- لا يفرقون بين ما هو لائق وغير ذلك، سوى ما يُغذي أنانيتهم.. فإنّ المترفعون عن الدنى والخنى، هم سُراة الناس الذين يبذرون الصدق، ويحقنون النضارة في جسد شيخوخة الزمن، ويؤصلون التعامل، فهم الحضور في زمن التلاشي، والمثال الرفيع للخيط الأبيض بين نُدف الدنس، هم الصفح والصحِة والأحق بالصحبة والذكر. 

يقول الشاعر في الزمن الجاهلي، عدي بن زيد العبادي، في قصيدته التي مطلعها: (أَتَعرِفُ رَسمَ الدَّارِ مِن أُم مَعبِدِ)، اخترت منها: 

أَعاذِلُ ما أَدنَى الرَّشادَ مِنَ الفَتَى 
                                    وأَبعَدَهُ مِنهُ إذا لَم يُسَدَّدِ 
. . .
كَفَى زاجِراً لِلمَرءِ أَيَّامُ دَهرِه 
                               تَروحُ لَهُ بالواعِظاتِ وتَغتَدي
. . .
فَنفسَكَ فاحفَظها مِنَ الغَيِّ والخَنَى
                           مَتَى تُغوِها يَغوَ الَّذي بِكَ يَقتَدي
. . .
عَنِ الَمرءِ لا تَسأَل وسَل عَن قَرينِه 
                                  فكُلُّ قَرينٍ بالُمقارَنِ يَقتَدي 
. . .
إذا ما رأَيتَ الشَّرَّ يَبعَثُ أَهلَهُ 
                                وقامَ جُناهُ الشَّرَّ للشَّرَّ فاقعُدِ 
. . .
إذا كنتَ في قَومٍ فَصَاحِب خَيارَهُم
                    ولا تَصحَبِ الأَردَى فَترَدى مَعَ الرَّدي

رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...