الجمعة، 22 مايو 2020

نقد الوصول لخراب مالطا


   حاول أن تخفي الناقد الذي بداخلك لتتذوّق الحياة على نحو أفضل!
النقد أتركه للأمور التي تعنيك بمفردك، وتذكّر أن إبداء نقدك لكل شيءٍ يُفسد عليك اللحظة ويملُّ جليسك ولا أحداً مهما سيهتم بكلمة لم تتجاوز تبرّم شفاتها، وفي أحيان كثيرة هو نوع من ادعاء المعرفة لا داعٍ لإظهاره!
والنقد ليس للأشياء السلبية فحسب وإن طغى عليه ذلك، يشتمل على بيان الإيجابية والتأكيد عليها.
   عش مع ما يصادفك كما هو لا كما تريده أنت، لست معنياً بشحن طاقتك النفسية بسلبية تُفرّغ روحك من الجمال.
فالانتقاد لأي شيء وكل شيء، يجعل منك أمام نفسك وعند الآخرين تبدو وكأنك محور الوجود وكل الأفلاك تدور حولك، ويجب أن تكون بمقاييسك.. ومقاييسك متغيرة!
فالأرض بها سبعة مليار تقريباً من البشر، بأفكار ومعتقدات وطباع وأديان وملل وأعمار مختلفة، ناهيك عما يتلاءم مع طبيعة الحيوان والنبات في ذات اللحظة، مع استحالة إحصائها إلا إذا قام بعدِّها (مسيلمة) في زمن سابق أو من يشابهه لاحقاً!
   بقصد تعديل الحال المائل، يعيش الناقدون بحثاً عن الأفضل، عن المستقبل، وإذا أسرفوا تنازعوا وربما تقاتلوا ليبور كل شيء أمام نظرهم ويسود الدمار (الدمار ليس شرطاً أن يكون مادياً محسوساً، يكون أيضا معنوياً في الأذواق والعلاقات الإنسانية)، حتى يعود المستقبل خلفهم! ماضيهم كان فيه جمالاً لم ينتبهوا له بحثاً عن الأجمل، وعندما وقع الخراب (كما في أقطار كثيرة) تمنّوا العودة لما قبل خراب مالطا كما يُقال.
   أعلم أنك تأمل مثلما آمل، لكننا يجب ألا نُرهق أنفسنا بالأمنيات، يجب ألا نؤجل ابتساماتنا وضحكاتنا مع عائلاتنا، أصدقائنا، أحبائنا حتى نملك قصراً منيفاً يحوي سعادتنا.. ظل عابر على طريق قد لا نعود لسلكه مرة أخرى قادر على تدوين أجمل ذكرى، أجمل موقف قد يمر بنا.
علينا أن نحتفي باللحظة، لنبني القادم على إشعاعها، ويبقى ما تقادم في النفوس ماضٍ عليه اللهفة وأكاليل الأشواق.
   جذوة الطموح لا تموت متى ما كانت متوافقة مع حُسن الطالع، تكون كامنة في النفس، ستخرج للملأ عند الوصول للمنفذ المناسب، كالشمس ستشرق عندما تجد طقساً ملائماً، أما إنْ حجبت رؤيتك وأعتمت بصيرتك، سيغدو الطموح كجمرةٍ خبيثة تردي إنسانها قتيلاً، بعد أن تخور قواه من الفواجع والمواجع.



رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...