الثلاثاء، 22 مارس 2022

المنفوش


الكثيرات يذهبن لعمل نفخ لأماكن معينة وشفط في أماكن أخرى من الجسد دون حاجة صحية في مسالخ تطبيبية تسمى عرفاً عيادات طبية، والكثير أيضاً... هذا صحيح! 
هذا ما تخبرنا به رسائل الإعلانات المباشرة وغير المباشرة، والتعامل اليومي، والشاشات الإلكترونية.. 
ولو كان لي من الأمر خيار؛ لأشرت إلى نفخ ذوي الأرواح المُتعبة التي فقدت طعم الحياة؛ ليعود بريقها.. ولكن كما تعلمون ليس لي في ذلك خيار ولا طماطم بطبيعة الحال! 
مشارط من تلك هي من جعلتنا نشاهد ناقة هيفاء، وبومة عنقاء، وسعلوة نجلاء.. وديوك رومية كفوفها محنّاة!
في السابق، إن ضاع طفلاً في أماكن التجمعات يجد الباحثون رابطاً في الشبه بينه وبين والديه.. اليوم وكأنهم أولادهم بالتبني! لم يعد يذهلنا هول التجني؟! 
تم العبث بخط سير الإنتاج، فأصبحت شجرة الفراولة تثمر بالحنظل.. 
تمهل قليلاً لترى مالا يستحق أن يُرى، وسط حفلات هرس الأجساد وتخميرها تلك، هناك فئة منتفخة نبذت نفسها قبل أن ينبذها الآخرين، لم تكن كوم اللحم الذي يُجمّل ولا اليد الناحتة فيه، نفخت نفسها عنوة، ليست بالوناً كبيراً فتطير في الهواء، ولا صخرة كبيرة تثبت على الأرض.. ولم يبقوا على طباعهم.. لم يأتِ لجنابهم أو جنابتهم أو جنايتهم منفاخ البنشري "فتاح" ولا حقن الدكتور مراد..
هي عدة عقد نفسية تضخمت، حتى ظن بعض الطين أنه أغلى من كل الطين الذي حوله .. 
ما أكثر الوحل! وما أكثر الموحلين! وما أكثر الذين في عمقٍ أسوأ! 
تبقى تلك الفئة المحتقنة محرومة من التقدير، متضورة دائماً للمكارم، بائسة وإن ضحِكت، متورمة وإن تجهمت.. مبتورة وإن وصلت!

المنتفخون المنتفشون.. من اللاشيء سيعودون لـ (اللاشيء) بلا أي شيء!


الخميس، 17 مارس 2022

على طاولة المقهى

 


في المقهى 
زهرة .. 
تشرب قهوة!
تفتح رحيق الفكرة ..
تشعل صبوة !
تُلْقي من لهفتها نظرة ..
تكيل لرفيقها باقات من الكلمات ..
 
حال بيني وبينها وغدٌ أجوف!
رأسه كالبرميل 
أنفه كالازميل  
يرتدي نظارة "كالدربيل"
سدَّ منافذ الحياة !
لو ذهب للمشاعر لحسبه الحجاج شيطان المشاعر ..! 
وجاء رفيقه يتبعه، يجر غباه … 

.. ثم قاربتني قطاة 
شعرها مجدول وعليها لثام 
تزيد الأثام 
تقص على ثلاثتهن فكرة.. وتوزع بسمة.. وترفع خصلة
آية الجمال وحسنه.. 
وأنا معصوب الرأس ؟! .. 

.. فأصبحا القبيحان يتوسطان الجمال !
من دونهما 
ورد وقفطان !
ويعقبهما زهر وريحان .. 
يا لسذاجتهما كانا كوجع الحرب على وجوه الأوكرانيات .. 


.. 


على طاولة المقهى كانت كل حكايتنا، 

عند الانتظارات، 

تختلط القهوة بالشاي والضحكات.. 

اقرأ ما سلف وتمتم بعبارة؛ 

يخلفُ الله على أصحاب العواطف بالكلمات .. 

ربِّ أكرمني وأكرمهم بالمليارات من الدولارات

الجمعة، 11 مارس 2022

تعب مؤجل

 
    يؤثر البعض ترحيل التعب لمراحل قادمة، الاسبوع القادم، الشهر القادم، السنة القادمة، حينما يكبر الأولاد.. حين تنتهي الأقساط!
نحسب أن الوصول للراحة مرحلة متجاوزة لكل شيء، من ألم الصُداع وحتى أشد العمليات الجراحية وجعاً وأقل أملاً في الشفاء!
لا توجد راحة ولا شقاء متصل، هي نقاط، هي أغلال، هي أوهام تنصرف نحوها كل حواسنا وتحدياتنا ومقارناتنا ومقاوماتنا وفق طقوسنا البيئية.. لم يسعنا الإلهام في تجاوزها!
معارضة الأقدار الضمنية هي صراع داخلي ليس له علاقة بالإيمان؛ إنما هي صِدام مع القدرات ومحاولة عبثية لصيد الأحلام على طريقة لا يمكن تحتويها، كمحاولة اكتساب الضدين (النوم واليقظة) في لحظة واحدة! 
إننا نُطلق مجازاً (بيت الراحة) على مكان قضاء الحاجة، وذلك يعني من حيث ندري أو لا ندري؛ الراحة جزء أصيل من اليوم … 
ربما ينظر شزراً للراحة من يعاني؛ على أنها فواصل تَقلّبه على جمر غضا الأيام، وذلك على أية حال -رغم خطئه- أفضل حالاً وبكثير ممن ينظر للترويح على أنه مرحلة أخيره تسبق الموت!
إن مقاومة التعب والإرهاق والسهر والسفر، من علامات الجدة والنبوغ والتطلّع للأفضل، إن كانت لها مدى مُنتظر، ومؤشرات في الأفق للنجاح، وفيها عيش هنيء.. 
نحن المسلمون، ندعو الله دائماً:
(اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة …)
ليست كل أحلامنا آنية ولا مؤجلة، نرجو تحقيق ماهو حقيق بالأرض على سطح الدنيا، وماهو خليق بالسماء في الحياة الآخرة.

السبت، 29 يناير 2022

شذرات في صومعة الذات


‏❞‏❞‏❞‏❞


     الاشتغال في الشأن الخاص بالفرد نفسه، أمر يكاد يكون مطبوع على جبين كل شخص؛ لكن البشر بعادتهم يلاحظون ما يبدو على جباه الآخرين، أمّا ما يعلو جباههم لا يقرأونه وإن فعلوا قرأوه معكوساً! 

من السهل رمي التهم هكذا جزافاً لتقريع الآخرين، لكن أحداً منّا لا يفعل الأمر نفسه مع ذاته؛ لأن صك براءتِنا نحمله على أكفنا فراشاً ولحافاً.. 

‏ ❝

     لكل متزمّت، الوقت مُتفرّد.. 

والقرار الذي ملْكُكَ الآن في الغد يمْلُكَك!

احتطاب الأشجار من جذورها لا يُعيدها لك ثانيةً المطر!

 ‏ ❝

     نتعطّش نحن البشر للأرض كثيراً دون روي مطلقاً، من غير أن ننتبه.. نسافر لأرضٍ بعيد، نركب السفن ونتهجى أسارير السعادة على جزيرة في عرَض البحر، نزرع أرضاً، نشتري كذلك.. من يموت من الأحبه نستره بالتراب، نستنشق رائحة الثرى، نعبث بها.. نمشي عليها لتمتص الطاقة الزائدة!

كل قراراتنا توجهنا نحو الأرض، وحين نغضب نملأ سمع الآخر من أفواهنا من فواحش الكلام كالأتربة المُثارة.

‏  ❝ 

إذن.. فلنتخيل أن الآخرين أراضٍ يملكون قرارهم وشأنهم الخاص. 

علينا أن نجاورهم، نحاورهم، لا نُقرر بدلاً عنهم.. وبالمقابل كذلك! 


‏❝‏❝‏❝‏❝


السبت، 1 يناير 2022

الكثرة غلبت الجودة.. وليس الشجاعة!




كانت القصيدة قصيدة! .. وإن لاقت حفاوة مصطنعة. 
كانت الكلمة كلمة تحمل معنى ومبنى.. وإن وجدت تصفيقاً مُبالغاً.
كانت الأغنية شادية طرباً. 
حتى نشرة الأخبار وصوت المذيع والمذياع.. النُدرة، القلّة ليست سيئة في كل الأحوال!
هي تعني ظهور ما يستحق لمن يستحق في لحظة غير مُحتكرة.. صار كل شيء باهتاً، صار إدّعاء الحقيقة هو الحقيقة الصادحة! 
الكثرة تغلب الجودة.. لم تعد في الأمر ثمة شجاعة! صحيح.. كانت الفرص المتاحة شحيحة وعابسة وظالمة، في المقابل اليوم المساحات أكثر ظلماً! أكثر استهلاكاً للعارض والمُتابع.. تتوالد الشلل في تكوّر جماعات كحلقات الأبخرة المتصاعدة! 
يترنح الشغف، يشيخ الانتباه، تستعر الرغبة، تتلاشى القيمة!
ما قيمة أن يمر الوقت دون اكتساب قيمة؟!
هذه الكثبان المتتابعة، وهذا الزحف المتتالي، بلا غربال!
تختلط ذرات الذهب المُصفى بلوامع مشابهة، بغبار عبور المارة، بروث طيور الزينة، بفضلات بعض البشر الذين لا يستترون!
لا يوجد غربال لهذا! .. ربما! .. سوى عزل ما يبرق لتنقيته لاحقاً، وما يُزْكم يُترك للمراحيض تتلقفه! 
ليس للماضي قداسة ولا للحاضر أيضاً ..، ذو القيمة سيبقى في النهاية!
ستسود في سنوات الانحطاط، بعض التوافه، التشريعات في طور النمو، واليقظة على قناعات جديدة تُذْكي بعد طول مران بإلحاح في العقل؛ هل يستحق هذا كل هذا ؟!.


الخميس، 2 ديسمبر 2021

فردانية الحياة




الحياة تجربة فردية، وحينما تلد الأيام للمرء نصيحة توجيهية على النحو الأمثل، لا يستمع إليها، لا يتوقف عندها؛ .. حتى يوقن سيره في طريق منحدرة ولا مجال للعودة فيكمل تجربته منحازاً لتجربته. وعندما يُقدمها كتجربة إنسانية لمقبلٍ على عراك الليالي المتوالية، لا يستجيب.. لتبقى الحياة تجربة ذاتية وحرمتها لا تقبل المساس. 

يتعاقب بنو الإنسان على تذوق نبع الكبد من مصبه حتى آخر رشفة، حتى آخر نهار، من المهد الأول وحتى المهاد الأخير على مغالبة آية الليل والنهار، وهي غالبة بالتأكيد، ويبقى معاشر الإنس يتوالون على تخضيب أفئدتهم من قسوتها!

الأيام فاتنة لعوب، أو زير نساء.. لا تتوقف عن اختلاس الأحلام واكساب الأوهام!

مَنْ غلب الأيام؟ كلنا حطب لموقدها، نصبح رماداً، نتراكم، تذروا تجاربنا في خانة عدم الانصات للآخر. 

الحياة لا تتزاوج، شقيقها الآخر هو الموت، لا يرادفها شيء، يضادها على النقيض منها تماماً، هادم اللذات. 

نحن نموت، قبل الموت، في حالة ترجي وتمني، أن نرتمي في حبائلها ونطوعها كما تسوقنا الأقدار!

لذا نحاول، وهي لا تبرح في تقديمنا في براءة ساذجة بلا دروع واقية ولا شجاعة باسلة تجابهها، كغرٍ يمشي الهوينا في دهاليز غابة خالياً من كل اسلحة المقاومة التي تخلى عنها طوعاً وجهلاً باعتدادٍ زائف، فيداهمه ضارٍ مفترس يحشونا في امعائه واحداً تلو التالي، بعد عملية طحن متتابعة على الأنياب والأضراس.


الثلاثاء، 27 يوليو 2021

التشويح بوصفة الطبيب!




أفكارنا ومعارفنا وخبراتنا لم تُصلح أحوالنا كما يجب، كما نريد على الأقل! 

والتشويح بآرائنا كلما هبت رياح رغي ودفء قعود من شاكلة قِيل وقال تحت ظِلال من سبقونا، سقائف كانت أو سُقُف.. لا يُغير أصل المسألة، ماذا كسبنا؟ وماذا وهبنا؟ وماذا لدينا؟ 

ليست إلا جلوسًا في قيض الرمال وتمني ركام السحب تُخفف وطء الهجير. 



سأنتقل للتصريح بدلاً عن التلميح، وبالمثال يتضح المقال؛ من السهل جداً أن يقول متقولاً في سوق السمك، مثلاً: ❝على الدول العظمى مراجعة سياساتها في الشرق الأوسط.. وإلا علينا وعلى أعدائنا!❞ 

لاحظ هنا، الدول العظمى لم تستمع لتهديده المزلزل عوضاً بأن الشرق الأوسط لم يؤيده من الأساس ولم يُلقي برأيه المنسوخ أصلاً بين أيديهم خلافًا بأن قومه لم ينصبوه للحديث نيابة عنهم، مع الاتفاق شكلاً ومضموناً بأنه لا يفقه شيئاً. -ولو كان يفقه ما ذكر شاكلة هذا الكلام في غير سوقه-.


ما أكثر هؤلاء الذين يحاولون إصلاح الخلل في غير مكانه، توجيه اللوم لدائرة ما، للتخطيط، للوزارات، للسياسات، للدول المدججة بالخبراء والمستشارين.. وليس معنى ذلك أن هؤلاء لا يخطئون! ولا يعني أيضاً ألا يكون هناك خللاً ونحوه يسدده المستفيد أو العميل أو المواطن بالنقد أو الشكوى للجهة هذه وتلك (ليس هذا المجال الذي عليه القصد) أو يردم هوّته التقدم والتطور اللاحق.. . 

بل إنّ الجلوس على فوهة اتخاذ القرارات في ظروف لا تعلمها ومراعاة لأمور لا تحيط بها خُبرا وعلاقات لا ترقى إليها وفوائد لم تنتظرها ودرء أخطار لا تعلمها يا رعاك الله أنت في غنى عنها. 


وإنما يكون توجيه الانتقاد، الرأي، الرفض، وأية أمور أخرى.. في مجراها الطبيعي، ليكن البلاغ والبلوغ.. .


في العموم سيتحدث الناس بين شد وجذب مهما بلغ الأمر، ومن الطبيعي جداً تبادل الأحاديث في الميادين وأماكن الاجتماع... (ليست هذه المشكلة بتاتاً، وهي من الحراك البشري المُعتاد). 

لكن من يعتقد بأنّ لديه وصفة الطبيب نادر الوصف، الذي قد لا يتكرر إلا كل مائة عام مرة، وخارطة السير التي رسمها لهذه القرية أو المدينة أو العالم وينبغي أن يسيروا عليها لضمان النجاة وإلّا سوء المصير ينتظرهم على أحر من الجمر، عليه أن يعمل بكده في عمل أو عملٍ إضافي، يدر عليه من خيرات الأرض ليتحرّك فاه بما يملأ جوفه، فعقول الناس لا يحركها إلا من يعرف عواقبها وآذانهم لا تستمع للفارغين الذين يقتلون فراغهم على حساب إدماء أحلام الآخرين وتطلعاتهم، ويمضون إلى احتلاب الأماني، لعلها تمطر تيجاناً من أوهامهم على رؤوسهم؛ لتؤكد ما يروّجون له مِنْ فهمٍ سقيم لم يُصلح حالهم في المقام الأول.



رسالة إلى أخي الأكبر

إلى المولود المفقود في شجرة عائلتي.. إلى أخي الأكبر الذي لم تنجبه الأيام، إلى الآلام التي ما برحت تعبث في الأحشاء، إلى كل شيء تمنيته وحدث ما...